كريم بوزاليم //
نظم منتدى البحث الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ندوة فكرية هامة تحت عنوان “الحس المشترك والذكاء الاصطناعي: تغيير البدهيات في عصر التقنية (رؤية نفسية اجتماعية)”، وذلك بالتعاون مع مختبر التخصصات البينية. جاءت هذه المبادرة الفكرية لتسائل التحولات العميقة التي يشهدها العصر الرقمي، خصوصًا فيما يتعلق بتفاعلنا مع التكنولوجيا وكيفية تأثر واقعنا الاجتماعي والنفسي بهذه التحولات. فقد شكلت الندوة فرصة هامة للمناقشة والتفكير في آثار الذكاء الاصطناعي على البنى الاجتماعية والنفسية التي طالما اعتدنا عليها.
الدكتور الخطري العياشي: رؤية تحليلية تربط بين علم النفس والسوسيولوجيا
ساهم الدكتور الخطري العياشي، في تأطير هذه الندوة، برؤية أكاديمية رصينة تمزج بين التخصص النفسي والسوسيولوجي والحس الفلسفي. وقد طرح الدكتور العياشي أسئلة جوهرية تركز على الذكاء الاصطناعي ليس فقط كأداة تقنية، بل كعامل محوري يمكن أن يغير من بدهيات اجتماعية اعتدنا عليها. فقد بيّن كيف أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحسين الأداء التكنولوجي، بل يساهم بشكل عميق في إعادة تشكيل الأسس التي تقوم عليها العلاقات الاجتماعية والتفاعلات الإنسانية. هذا الطرح كان بمثابة دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الحقيقة والمعرفة في عصر أصبحت فيه الآلات تشاركنا الفهم والحكم.
أما الطالب محمد علي إبدار، الذي تولى مهمة تسيير الجلسة، فقد قدم نموذجًا مثاليًا في التسيير المعرفي. بفضل خبرته ومهاراته التواصلية، تمكن من خلق توازن بين ضبط سير الحوار وفتح المجال للنقاش المعمق. وقد ساهم هذا التفاعل الديناميكي في إثراء الندوة وجعلها فضاءً حيويًا لتبادل الأفكار، مما أضفى عليها بعدًا علميًا مميزًا. في الوقت نفسه، قامت الطالبة مريم وزكى بتولي مهمة التقرير، في خطوة هامة تشجع على إشراك الطلاب في الأنشطة العلمية وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في التفكير النقدي.
أهمية الندوة في التفكير الأكاديمي حول الذكاء الاصطناعي
هذا النوع من اللقاءات الفكرية يعكس وعيًا متزايدًا لدى الفاعلين الأكاديميين بأهمية التفكير في الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن النظرة التقنية البحتة. إذ تتجه الأنظار نحو ضرورة إعادة النظر في علاقتنا بالحقيقة والمعرفة، خاصة في وقت أصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من مجتمعاتنا الحديثة. فالندوة أكدت على ضرورة تناول هذه الموضوعات من منظور نفسي واجتماعي شامل، ما يعزز التفكير النقدي حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الإنسان والمجتمع.
إن هذا اللقاء العلمي لا يعكس فقط تقدماً في التفاعل مع التكنولوجيا، بل يعكس أيضًا نضجًا فكريًا يسعى إلى استيعاب أثر هذه التغيرات على مستقبل العلاقات الإنسانية والمعرفية في عصر الآلة.