تحية عالية لنساء و رجال الأمن الوطني.
“لا تسامح مع الجريمة” ،ليس مجرد شعار يرفع في الندوات أو المناسبات الأمنية، بل هو تحول نوعي في العقيدة الجنائية والأمنية للمملكة المغربية، إنه يعكس إرادة الدولة الصلبة في التصدي لكل مظاهر الإنحراف والاعتداء على النظام العام، ويرسخ سيادة القانون باعتباره صمام أمان للاستقرار المجتمعي والسلم المدني.
إن هذا الشعار يترجم عمق التحول الذي يشهده المغرب في تعاطيه مع الجريمة، من مقاربة تقليدية تقوم على التدخل بعد وقوع الفعل الإجرامي، إلى مقاربة إستباقية تعتمد على اليقظة الاستخباراتية، والحضور الميداني المكثف، وإستهداف البؤر التي تفرز العنف والإنحراف، في تناغم بين مختلف الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لحماية التراب الوطني.فالأولى انخرطت بشكل واضح في تحديث بنياتها، وتوسيع شبكاتها على التراب الوطني، وتطوير قدراتها اللوجيستيكية والتقنية، بما يجعل تدخلها أكثر سرعة وفعالية في مواجهة التهديدات الأمنية بمختلف درجاتها، من الجريمة المنظمة إلى الأفعال الإجرامية الفردية. وقد عملت على تكريس مفهوم الشرطة المواطنة، القريبة من هموم المواطن وإحتياجاته الأمنية، بما يعيد الثقة في المؤسسة الأمنية ويقوي علاقتها بالمجتمع.أما المديرية العامة لحماية التراب الوطني، فقد عززت من موقعها كجهاز إستخباراتي محوري في حفظ الأمن القومي، لا سيما في سياق إقليمي ودولي مضطرب، حيث تتشابك التهديدات وتتداخل، من الإرهاب العابر للحدود إلى شبكات التهريب والإتجار بالبشر وتبييض الأموال. وقد برهنت على نجاعة عالية في تفكيك الخلايا الإرهابية، ودرء المخاطر التي تستهدف إستقرار البلاد، مما جعل المغرب نموذجا يحتذى في محاربة التطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
إن جوهر شعار”لا تسامح مع الجريمة “، يتجاوز الردع الزجري، إلى رؤية شمولية ترى في الأمن ركيزة للتنمية، وفي الحزم ضمانة للحرية، وفي الصرامة حماية لحقوق المواطنين في الأمن والسكينة والكرامة. فلا تساهل مع من يسفك الدماء أو يرهب الآمنين أو يهدد سلامة المجتمع، ولا هوادة في تطبيق القانون على كل من تسول له نفسه التمرد على الضوابط القانونية والأخلاقية للمجتمع.
ختاما ، “لا تسامح مع الجريمة” ليس مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي، ولكنه تعبير عن قناعة راسخة بأن الأمن ليس خيارا ظرفيا، بل ضرورة وجودية، وأن حماية المجتمع تقتضي يقظة دائمة، وتنسيقا دقيقا ، وعدالة ناجحة ، وردعا حازما، حتى تظل المملكة في منأى عن الفوضى، ويضل القانون فوق الجميع ويطبق على الجميع.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام بهيئة المحامين بأكادير وكلميم والعيون
مقبول لدى محكمة النقض
باحث في الهجرة وحقوق الإنسان