الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة في 10 أكتوبر 2025، لم يكن مجرد كلمة بروتوكولية عابرة، بل كان رسالة سياسية وتنموية قوية، وجهها جلالة الملك إلى البرلمان والحكومة وكل الفاعلين المؤسساتيين والمجتمعيين. خطابٌ صريح في مضمونه، عميق في إشاراته، واضح في أهدافه.
فالملك، وإن افتتح خطابه بتقدير جهود البرلمان، فإنه وجه رسائل محاسبة غير مباشرة، عندما دعا إلى العمل الجاد في السنة الأخيرة من الولاية، واستكمال المشاريع المفتوحة بعيدًا عن الحسابات الانتخابية الضيقة. وهي إشارة واضحة إلى أن السنوات السابقة لم ترقَ إلى مستوى التطلعات، وأن المطلوب اليوم هو الفعل لا الخطاب.
كما ركز جلالته على تسريع التنمية الترابية وتغيير طرق العمل، بما يعني أن بطء التنفيذ لم يعد مقبولًا. فالمرحلة المقبلة ستكون مبنية على ثقافة النتائج والمردودية، ولن يكون فيها مكان للبيروقراطية أو التهاون.
ومن بين الرسائل البارزة، توجيه البوصلة التنموية نحو المناطق الجبلية والواحات والسواحل والمراكز القروية، أي نحو “الهامش” الذي ظل لسنوات يعاني التهميش. وهي إشارة إلى تحول استراتيجي في الرؤية التنموية للمملكة، هدفه العدالة الاجتماعية والمجالية.
الملك أيضًا أكد أن تأطير المواطنين والتواصل معهم ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل تشمل الأحزاب، الإعلام، المنتخبين، والمجتمع المدني. وهي رسالة إلى كل الفاعلين بأن الشرعية السياسية مرتبطة بخدمة المواطن لا بالمناصب.
أما ختام الخطاب بآية قرآنية، فليس تفصيلًا بسيطًا، بل رسالة أخلاقية عميقة مفادها أن المسؤولية السياسية أمانة، وأن الحساب قادم لا محالة، سواء أمام الوطن أو أمام الله.
إن ما وراء سطور الخطاب هو ببساطة إعلان عن مرحلة جديدة من الصرامة والمحاسبة، والتنمية المتوازنة، والنجاعة. إنها دعوة صريحة لكل من يتولى المسؤولية اليوم أن يكون في مستوى اللحظة التاريخية، وإلا فإن المستقبل لن يرحم المتقاعسين.