تشهد ولاية أكادير، في الفترة الأخيرة، دينامية جديدة تُوصف بـ”الهادئة والفعالة”، يقودها الوالي الجديد على جهة سوس ماسة، سعيد أمزازي، الذي بدأ مهامه بإطلاق عملية منظمة لإعادة ترتيب البيت الداخلي للإدارة الترابية، في ما يشبه “تطهيراً ناعماً” يستهدف مفاصل طالما ظلت تحت سيطرة الولاءات وشبكات النفوذ.
أمزازي، القادم من قطاع التعليم العالي، والذي شغل سابقاً منصب وزير التربية الوطنية، باشر خطواته الأولى في هذا المسار بإعفاء مدير ديوانه السابق، الذي استمر في منصبه لسنوات طويلة مستفيداً من علاقات مكنته من البقاء رغم تعاقب المسؤولين. وقد اعتُبر هذا القرار إشارة قوية على بداية مرحلة جديدة لا مكان فيها للامتيازات غير المبررة.
أمزازي، في مقاربته الجديدة، اختار تغليب منطق الحكامة والتجديد، فاتحاً المجال أمام كفاءات جديدة تتماشى مع توجهات الدولة نحو تخليق الحياة الإدارية، وتعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل إرادة سياسية واضحة لتحديث أساليب التدبير العمومي.
التحولات التي تعرفها ولاية أكادير اليوم تسير وفق رؤية تقطع مع منطق “الإدارة بالولاء”، وتعتمد مبدأ تدوير النخب، وإعادة الاعتبار للكفاءة المهنية والنزاهة في شغل المناصب. هذا التوجه ينسجم تماماً مع السياق الوطني الراهن، حيث تسعى الدولة إلى تحفيز الاستثمار، وتسريع وتيرة التنمية، لا سيما في المدن التي تشهد مشاريع كبرى مثل أكادير.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن أمزازي ينفذ هذه التغييرات في احترام تام للمساطر القانونية، وبحس توازني يضمن انتقالاً سلساً للمهام، دون أي خلفيات شخصية أو نزعات انتقامية، وهو ما يعزز مصداقية الإصلاحات الجارية.
في المحصلة، تبدو ولاية أكادير مقبلة على مرحلة جديدة، قوامها المهنية، والمساءلة، والانخراط الحقيقي في ورش التحديث، بما يضمن تجاوز مرحلة الجمود الإداري، ويفتح آفاقاً واعدة أمام التنمية المحلية والجهوية.