في خطوة غير مسبوقة منذ أزيد من عقد، يقوم وزير الخارجية البريطاني *ديفيد لامي* بزيارة رسمية إلى المملكة المغربية، ابتداء من يوم الأحد، تمتد لثلاثة أيام، حاملاً في جعبته موقفًا جديدًا ونوعيًا بشأن قضية الصحراء المغربية. هذه الزيارة التي تأتي في ظل تحولات جيوسياسية إقليمية ودولية، توّجت بإعلان سياسي مهم يُعدّ بمثابة انتصار دبلوماسي كبير للمملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله.
فقد أكد الوزير البريطاني، عقب لقائه بنظيره المغربي السيد ناصر بوريطة، أن *المملكة المتحدة تعتبر مخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب سنة 2007، هو الأساس الأكثر واقعية ومصداقية وقابلية للتطبيق من أجل حل دائم للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء*. كما دعا جميع الأطراف إلى *الانخراط العاجل والبناء في المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة*.
هذا الموقف البريطاني الجديد يشكّل تحولًا نوعيًا في السياسة الخارجية البريطانية، ويعني — بصيغة أوضح — اعترافًا ضمنيًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وتكمن أهمية هذا التحول في أن المملكة المتحدة عضو دائم في مجلس الأمن، وكانت إلى عهد قريب تقتصر على دعم جهود الأمم المتحدة من دون ترجيح أي حل بعينه. أما اليوم، فإنها تنضم رسميًا إلى قافلة الدول الكبرى التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وبانضمام بريطانيا، تصبح ثلاثة من أصل خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن مؤيدين صراحة للمقترح المغربي، أي ما يعادل **60%** من القوى الدولية الكبرى داخل الهيئة الأممية، وهو مؤشر دالّ على أن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يقترب من نهايته، في ظل تآكل أطروحة الانفصال وصعود رؤية واقعية تنشد الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وقد أوضح السيد ناصر بوريطة أن هذا الموقف البريطاني “يساهم بشكل كبير في دعم الدينامية الجديدة للمسار الأممي، والتقدم نحو حل سياسي نهائي ومتوافق عليه على أساس مبادرة الحكم الذاتي”.
**وفي كلمتها، قالت النائبة نعيمة الفتحاوي** إن *هذا التحول البريطاني يمثل لحظة مفصلية في مسار الاعتراف الدولي بعدالة القضية الوطنية، ويُعدّ ثمرة للرؤية الحكيمة لجلالة الملك، حفظه الله، الذي وجّه منذ سنوات إلى الانتقال من التدبير إلى التغيير، ومن ردّ الفعل إلى المبادرة، وهو ما نلمسه اليوم من خلال انضمام قوى كبرى لدعم مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية*.
**وأضافت** أن *هذا الاعتراف البريطاني يزيد من عزلة خصوم وحدتنا الترابية، ويؤكد مدى مصداقية وواقعية المقترح المغربي، ويعزز مكانة المغرب كشريك استراتيجي وفاعل مسؤول في محيطه الإقليمي والدولي*.
ولا يمكن قراءة هذا التطور المهم دون الرجوع إلى التوجيهات الملكية السامية التي شكلت البوصلة في إدارة ملف الصحراء المغربية. ففي خطاب جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان سنة 2023، قال جلالته: “*لقد قلتُ، منذ اعتلائي العرش، أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخلياً وخارجياً…*”. وهو ما تحقق فعليًا اليوم عبر هذا المكسب الدبلوماسي الجديد.
لقد أثبتت الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك، حكمتها وبعد نظرها، عبر نهج يقوم على المبادرة، الحزم، والعمل الهادئ البعيد عن الضجيج، مما أثمر نتائج ملموسة تُترجم على أرض الواقع بدعم دولي متزايد لعدالة القضية المغربية.
إنه يوم تاريخي جديد في سجل الدفاع عن الوحدة الترابية، تُسجله المملكة بقيادة جلالة الملك، وهو أيضًا رسالة قوية إلى من لا يزال يتردد أو يتقاعس عن الاعتراف بالواقع السياسي الجديد في الصحراء المغربية. فالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية لم يعد مجرد خيار وطني، بل أصبح قناعة دولية تتسع باستمرار، تؤشر إلى قرب نهاية هذا النزاع المفتعل.